Physical Address
304 North Cardinal St.
Dorchester Center, MA 02124
Physical Address
304 North Cardinal St.
Dorchester Center, MA 02124
أحسن طريقة لدراسة الفقه
د. أغوس حسن بصري السنوي
لدراسة الفقه طريقتان:
الطريقة الأولى : طريقة فقه المذاهب
– وذلك بدراسة كتاب الهداية، ثم حاشية ابن عابدين، وبدائع الصنائع في الفقه الحنفي،
– الرسالة لابن أبي زيد مع أحد شروحها، أو مختصر خليل مع أحد شروحه، ثم بداية المجتهد والمدونة، وبلغة السالك في الفقه المالكي،
– متن أبي شجاع مع أحد شروحه أو كفاية الأخيار، ثم منهاج الطالبين، والمجموع والروضة في الفقه الشافعي،
– العمدة لابن قدامة، أو منار السبيل أو زاد المستنقع مع أحد شروحه – الشرح الممتع لفضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين –
ثم المقنِع في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني الحافظ ابن قدامة بشرح أو مع حاشية،
ثم الكافي في فقه الإمام أحمد لابن قدامة
ثم المغني والإنصاف في الفقه الحنبلي – على سبيل المثال – .
الطريقة الثانية: طريقة فقه الحديث
وذلك بدراسة الكتب التي جمعت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ورتبتها على أبواب الفقه:
كالعمدة في الأحكام للحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي،
منتقي الأخبار من أحاديث سيد الأخيار لمجد الدين ابن تيمية الحنبلي،
وبلوغ المرام من أدلة الأحكام للحافظ ابن حجر الشافعي،
ودراسة شروحها ك«إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق العيد المالكي
وحاشيته : العدة حاشية الصنعاني على إحكام الأحكام على شرح عمدة الأحكام
ونيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار للشوكاني (محمد بن علي الشَّوْكَاني (١١٧٣ – ١٢٥٠ هـ = ١٧٦٠ – ١٨٣٤ م)كان زيديًا ثم اجتهد و تميز بعلمه الغزير في التفسير والحديث، مما جعله يتبع ما ترجح لديه من آراء ونبذ التقليد.)
وسبل السلام شرخ بلوغ المرام للصنعاني (محمد بن إسماعيل الصنعاني (1099 هـ – 1182 هـ / 1687 – 1768) مؤرخ وشاعر ومصنف من أهل صنعاء) .
الامام الشوكاني والصنعاني أصولهم (بيئتهم) زيدية وليس ينتموا إلى المذهب الزيدي بل أصلهم زيدي الذين ينسبون انفسهم لأهل البيت، لكن هما أبرز علماء أهل السنه، ومن تلاميذهم القاضي محمد بن إسماعيل العَمْرَاني
والإمام الصنعاني أحسن (أضبط) من الشوكاني في باب الأسماء والصفات
أصول منهج فقه الحديث:
ولم يكن من طريقة أهل الحديث أن يقلدوا رجلاً بعينه في كل ما يذهب إليه، ولذلك تجدهم اتبعوا منهجاً واضحاً للتوصل إلى الحكم الصحيح ، من خلال ما وجدوه من الأحاديث والآثار، وقد بين الدهلوي (أحمد بن عبد الرحيم بن الشهيد المعروف بـ «الشاه ولي الله، المجدد المصلح 1114- 1176هــ)– رحمه الله تعالى – في كتابه في أصول الفقه { الإنصاف في أسباب الخلاف } أصول هذا المنهج ومعالمه أنهم :
ومتى صح الحديث فلا يتبعون خلافه، فلا اعتبار للآثار، ولا لآراء المجتهدين إذا خالفت الحديث.
فإن اتفق جمهور الخلفاء والفقهاء على شيء فهو المتبع، وإن اختلفوا أخذوا بحديث أعلمهم علماً، أو أورعهم ورعاً، أو أكثرهم ضبطاً، أو ما اشتهر عنهم، فإن وجدوا شيئاً يستوي فيه قولان، فهي مسألة ذات قولين .
كان الشيخ الدهلوي الحنفي عملاً، الشافعي تدريساً، عاش في بيئة صوفية نقشبندية ماتريدية وأشعرية، وبعد رحلته إلى بلاد الحرمين اجتهد في معرفة الدليل واتباعه، وكان في آخر حياته اتبع أهل الحديث،
وكان في آخر حياته اتبع أهل الحديث،وقام بعمله اَلْتَجْديدِي والْإِصْلاحيِّ : إحياء علوم الكتاب والسنة ومحاربة الجمود والتقليد
في عناوين تالية: التدريس وإعداد الرجال، الوعظ والإرشاد والإصلاح الاجتماعي، والإصلاح الفكري والعلمي، والتصنيف.
قال في كتابه “الجزء اللطيف” : ” بعد دراسة فاحصة لكتب المذاهب الأربعة ، وكتب أصول الفقه، والأحاديث التي يتمسكون بها استقر في القلب بتوفيق من الله وهدايته طريقة الفقهاء المحدثين”.
قال الدكتور عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي في كتابه “جهود مخلصة فى خدمة السنة المطهرة” (ص 51):
” أنقل بعض وصاياه وأقواله في هذا الصدد لتتضح معالم دعوته:
” وصية هذا الفقير: الاعتصام بالكتاب والسنة في العقيدة والعمل والتفكير فيهما دائما؛ وقراءة جزء منهما كل يوم وإن لم يستطع القراءة فيسمع ترجمة ورقة من كليهما، واختيار مذهب قدماء أهل السنة في العقيدة والإعراض عن تفصيل مالم يفصلوه، وعدم التوجه إلى تشكيك أهل العقول، واتباع العلماء المحدثين في الفروع، فهم قد جمعوا بين الحديث والفقه، وعرض الفروع الفقهية دائما على الكتاب والسنة وقبول ما يوافقهما ورد مالم يوافق … ” من كتاب “التفهيمات الإلهية« للشاه ولي الله الدهلوي. ” انتهى
والطريقتان لازمتان لطالب العلم وذلك للمزايا الكثيرة لكلٍ منهما .
ومن مميزات الطريقة الأولى :طريقة فقه المذاهب
1- تعويد الطالب على توقير العلماء حيث يتكرر ذكر أسمائهم ويدور الخلاف حول شرح كلامهم والعلماء ورثة الأنبياء وقال – صلى الله عليه وسلم – ” ليس منَّا مَنْ لم يُجِلَّ كبيرَنا ، ويرحمْ صغيرَنا ! ويَعْرِفْ لعالِمِنا حقَّهُ» (حديث عبادة بن الصامت | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 5443 | خلاصة حكم المحدث : حسن” .
2- استيعاب جميع المسائل والفروع الفقهية التي حدثت بعد زمان النبي – صلى الله عليه وسلم – فاجتهد فيها العلماء واستنبطوا لها أحكاماً من نصوص الكتاب والسنة .
بخلاف الطريقة الالثانية حيث يقتصر الشراح على ذكر المسائل التي جاء حكمها صريحاً في النصوص ويهملون كثيراً من المسائل التي لا غنى عنها لطالب العلم .
3- التنسيق والترتيب بحيث تجتمع جميع المسائل المتشابهة والتي يتعلق بعضها ببعض في باب واحد أو فصل واحد مع خلو الكتاب من الاستطرادات والاقتصار على موطن الشاهد من الحديث .
بخلاف الطريقة الثانية حيث يضطر الشراح إلى تقطيع المسألة الواحدة إلى أكثر من باب لكون المسألة تتعلق بحديثين أو ثلاثة فيذكر في شرح كل حديث جزءاً من المسألة فيتشتت ذهن القارئ ويتكلم الشراح على المسألة في غير مظانها ، فيكون الحكم الفقهي متعلقاً بالبيوع أو المواريث فتبحث عنه في بابه فتجد الشارح يحيلك فيقول ” وقد تقدم شرح هذه المسألة في شرح حديث كذا فارجع إليه ” ونحو ذلك .
فمن مميزات الطريقة الثانية : فقه الحديث
1- تعويد الطالب على تعظيم كلام النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث يرى كلام النبي – صلى الله عليه وسلم – في أعلى الكتاب وتحته اختلاف العلماء في فهم ألفاظه فيقع في صـدر الطـالب أن كلام العلمـاء ما هـو إلا خدمة لكلام النبي – صلى الله عليه وسلم – .
2- دراسة تلك الكتب لا تقتصر على الفائدة الفقهية فحسب بل يستفيد الطالب مسائل في التوحيد وفي الأصول وفي النحو وفي الأخلاق والآداب والسيرة وتراجم الصحابة لأن أحاديث النبي – صلى الله عليه وسلم – لا تقتصر على بيان الحكم الفقهي مجرداً بل عادة ما يكون الحديث جامعــاً للمعـــــاني العظيمة في الألفاظ القليلة فيضطر الشارح إلى إعراب الحديث أو ذكر مــا فيه من فوائد أو ترجمة للصحابة الذين يرد ذكرهم في متن الحديث ونحـــو ذلك مما يكون فيه فوائد جمة .
تعّلم الفقه على مذهب معيّن، يفرّق أهل العلم فيه بين صورتين :
الصورة الأولى :
دراسة الفقه على مذهب معيّن لأجل اكتساب الملكة الفقهية بأيسر طريق ، ولأجل وفرة المؤلفات الفقهية المنهجية في كل مذهب ، ووفرة شيوخ المذاهب، فيأخذ الطالب هذه الكتب الفقهية المذهبية على أنها وسيلة ، وليس لأنها هي كل الحق الذي لا يجوز خلافه ، بل متى ظهر له في مسألة ما أن السنة الثابتة ، بخلاف قول المذهب الذي يدرسه ترك قول المذهب ، واتبع الدليل
فهذا الأمر لا بأس به وليس مذموما ، بل هو طريقة حسنة مشروعة .
قال الذهبي رحمه الله تعالى :
” شأن الطالب أن يدرس أولا مصنفا في الفقه [والغالب في هذا المصنف لا سيما في زمن الذهبي أنه سيكون على مذهب من المذاهب المعروفة] ، فإذا حفظه، بحثه وطالع الشروح، فإن كان ذكيًّا، فقيه النفس، ورأى حجج الأئمة ، فليراقب الله ، وليحتط لدينه ، فإن خير الدين الورع ، ومن ترك الشبهات ، فقد استبرأ لدينه وعرضه ، والمعصوم من عصمه الله ” .
انتهى من ” سير أعلام النبلاء ” (8 / 90 – 91) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
” ولاشك أن الإنسان ينبغي له أن يركز على مذهب معين ، يحفظه ويحفظ أصوله وقواعده، لكن لا يعني ذلك أن يلتزم التزامًا تامّاً بما قاله الإمام في هذا المذهب ، كما يلتزم بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنه يبني الفقه على هذا ، ويأخذ من المذاهب الأخرى ما قام الدليل على صحته ، كما هي طريقة الأئمة من أتباع المذاهب كشيخ الإسلام ابن تيمية ، والنووي وغيرهما حتى يكون قد بنى على أصل … ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن عثيمين ” (26 / 176 – 177) .
الصورة الثانية :
أن يغلو الطالب في المذهب الذي يدرسه وذلك :
إما بالغلو في دراسة المذهب ، فيغرق الطالب في متونه طوال عمره ، مكتفيا ، ومستغنيا بها عن نصوص الكتاب والسنة ، ومعرضا تماما عن التفقه فيهما ، فهذا الأمر مذموم لأن فيه نوع إعراض عن نصوص الوحي ، متى كان قادرا على الرجوع إليها ، والاستنباط منها بنفسه .
وإما بغلو الطالب في أقوال المذهب ، فيتمسك بها ، ولو علم أن النصوص الشرعية على خلافها ، فهذا هو التعصب المذموم الذي حذّر منه أهل العلم ، حتى أئمة هذه المذاهب أنفسهم. وقد سبق نقل شيء من أقوالهم في هذا في الفتوى رقم : (23280) .
والله تعالى أعلم .
مالانج، 30 أغسطس 2024م