Physical Address
304 North Cardinal St.
Dorchester Center, MA 02124
Physical Address
304 North Cardinal St.
Dorchester Center, MA 02124
MENGHAYATI KEAGUNGAN ISLAM
معايشة عظمة الإسلام
Khutbah Idul Adha 1443 H, Di Ihya’ al-Qulub Tirtasani Malang
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله أكبر، اللهُ أكبر لا إله إلا الله، اللهُ أكبر، اللهُ أكبر ولله الحمدُ،
اللهُ أكبر اللهُ أكبر، لا إله إلا الله، اللهُ أكبر، اللهُ أكبر ولله الحمدُ، (5x)
الله أكبر ما كبَّرهُ المكبِّرون، والحمدُ لله ما ذكره الذاكرون.
الحمدُ لله الذي جعل لكل نبي شرعةً ومنهاجًا، وجعل لكل أمَّةً منسكا هم ناسكوهُ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تبلغنا رضوانه،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى إحسانه
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ “
أيها المؤمنون عباد الله رحمكم الله! الله أكبر 3مرات
♦ إن وصيةَ اللهِ للأولونَ والآخرينَ: هي تقواهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَىْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ]آل عمران: 201 [، وإنَّ مدار تقواهُ علي إخلاصِ العبادةِ له وحدهُ لا شريك له، قالَ اللهُ تعالى: ﴿فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ .[الزمر 2]
♦ وإن مما يعبد الله به التقرب إليه بإراقة الدماء، قال تعالك: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأىْعَامِ﴾ ]الحج: 4] فكل أمةٍ بُعِثَ إليها نبي من الأنبياءِ كان من العباداتِ التي يتقرَّبُونَ بها إلى الله إراقةِ الدماءِ من بهيمة الأنعامِ.
♦ وإنَّ من الدينِ الذي بُعِثَ بهِ محمدٌ صَلَّى اللهُ عَلَوْهِ وَسَلَّمَ : التقرُّبُ إلى الله عَزَّ وَجَل بإراقةِ دماءِ بهيمة الأنعامِ في الأضاحي، فإنَّ اللهَ قالَ له: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاىْحَرْ﴾ ]الكوثر: 1
♦ وضحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضحَّى المسلونَ بعده فصار الأضاحي شعارا للإسلام والمسلمين.
♦ وتخيرَ الله عَزَّ وَجَل لهذهِ الأمة أيامًا عظيمةً تُذبَحُ فيها الأضاحي مقدِّمتُها بالأمس في مكة وغيرها، (وعندنا منذ هذا اليوم) وهو يوم الحجُّ الأكبرِ الذي يحجُّ فيه الناسُ، ويأتونَ فيها بأعظم أركانِ الحجِّ بطوافِ الإفاضةِ، وما تعلق به مْن أعمالٍ الحج (يُدلفونَ بِها رأسه) الذي ابتدأوهُ من وقوفهم في يومِ عرفةَ
وإن الله سُبْحَانه وَتَعَالَى جعل مبتدأالأضاحي هذا اليوم، وجعل متتهاها آخرَ أيامِ التشريق، فتكونُ أيامُ ذبحِ الأضاحى هي: اليوم العاشرُ، والحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، ويبتدئُ الذبحُ فيها بعدَ صلاةِ العيدِ، وينتهي من غروبِ يومِ التشريق الثالثِ عشر، وللمرءِ بين ذلك أن يذبحَ فيما شاءَ من وقتٍ من ليل ونهارٍ.
♦ وإن الله سُبْحَاىَهُ وَتَعَالَىَ لما أمرىا بهذه العبادةِ جُعِلَ لنا فيها شروطٌ تجبُ بِهَا؛ فمن جملةِ تلكَ الشروطِ:
فهؤلَاء الْأربعِ بالعووبِ المذكوراتِ وهي:
.ا- الشاةُ العوراءُ.(مات بوتا)
.1 أو الشاةُ العرجاءُ التي يتبين عرجُهاا.(كاكي فينتشانج)
.4 أو المريضةُ التي يتبين مرضُها. (فيسيك ساكت)
.3 أو الضعيفةُ الهزيلةُ التي لا تقوى على القيامِ والمشي (داغينج كوروس)
فإنهمن مما لا يُجزئُ في الأضاحي، وكلما استسمن العبدُ أضحيته واستكمل شروطه كانَ
أعظم لأجرِها.
عباد الله أيها المؤمنون عباد الله رحمكم الله! الله أكبر 3مرات
♦ ويسن استسمان الأضحية واستحسانها لقول الله تعالى: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} قال ابن عباس: تعظيمها استسمانها واستعظامها واستحسانها ولأن ذلك أعظم لأجرها وأكثر لنفعها
♦ والأفضل في الأضحية من الغنم في لونها البياض يخالطه السواد
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3/ 1077)
(عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِكَبْشَيْنِ) فِي الْقَامُوسِ: الْكَبْشُ: الْحَمَلُ إِذَا أَثْنَى، أَوْ إِذَا خَرَجَتْ رُبَاعِيَّتُهُ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الذَّكَرَ أَفْضَلُ مِنَ الْأُنْثَى ; فَإِنَّ لَحْمَهُ أَطْيَبُ. (أَمْلَحَيْنِ) : أَفْعَلُ مِنَ الْمُلْحَةِ، وَهِيَ بَيَاضٌ يُخَالِطُهُ السَّوَادُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ اللُّغَةِ.
( وَقِيلَ: بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ، وَقِيلَ: هُوَ النَّقِيُّ الْبَيَاضِ)،
وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ عَائِشَةَ: هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، وَيَأْكُلُ فِي سَوَادٍ، وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ، وَيَبْرَكُ فِي سَوَادٍ. تَعْنِي: أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ مِنْ بَدَنِهِ سُودٌ، وَبَاقِيهِ أَبْيَضُ.
وَرَوَى أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ خَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَدَمُ عَفْرَاءَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ»، وقال أبو هريرة: دم بيضاء أحب إلى الله من دم سوداوين ولأنه لون أضحية النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم ما كان أحسن لونا, فهو أفضل.
عباد الله أيها المؤمنون عباد الله رحمكم الله! الله أكبر 3مرات
♦ عيد الأضحى المبارك، فرصة ثمينة ينبغي اغتنامها للتقرب إلى الله وهو عيد يرفع فيه الناس التلبية والتكبير وهو شعار الطاعة لله في ضوء العبوديّة له سبحانه. ولذلك فإنّ وجوب تقديم الأضحية في يوم عيد الأضحى في أرض منى يتضمّن في باطنه ذبح النفس الدنيئة والاهتمام بالورع والتقوى.
ولا تخفى ضرورة معرفة أبعاد وزوايا عيد الأضحى في المعارف الإسلاميّة والتي من شأنها حث المسلمين على الانتفاع بهذا اليوم المبارك والمفعم بالخيرات.
♦ إن عيد الأضحى المبارك ومؤتمر الحج العظيم: له خصوصيّة فريدة جعلته من أهمّ أيّام الله وأيّام عبادته.
♦ وهذه الشعائر تدل على عظمة الإسلام حيث أننا نحن المسلمين في أنحاء العالم، نحتفل بعيد الأضحى، وذلك بعدما ينتهي حجاج بيت الله الحرام من مناسك الحج في العشر الأول ذي الحجة، وغير الحجاج كذلك بعدما عمّر العشر الأول من ذي الحجة بالأعمال الصالحة منها الصيام والتكبير وعدم قطع الشعر والظفر، يحتفلون بعيد الأضحى صلاة ونحرا،
ولا تنحصر آثار أعمالهم بهم فحسب وإنّما ما يحصل به هو مجد للإسلام وعظمة للعالم الإسلامي وهذا هو دور مؤتمر الحج وشعائر عيد الأضحى.
♦ شعائر عيد الضحى والحج الأكبر: يؤكد على عظمة دين الإسلام، وأنه:
⃝ أولا: دين إلهي:-
والسنة المصدر الثاني وحي من عند الله تعالى كما قال جل وعلا عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4].
لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37) سورة الحج
֎ عباد الله أيها المؤمنون عباد الله رحمكم الله! الله أكبر 3مرات
⃝ ثانيا: دين كامل
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (المائدة: 3)
֎عباد الله أيها المؤمنون عباد الله رحمكم الله! الله أكبر 3مرات
⃝ ثالثا: دين شامل:
– شرع الله سبحانه وتعالى للأمة دينًا شاملاً في أحكامه وتشريعاته للثقلين من الجن والإنس، ولكل تصرفاتهم وعلاقاتهم، حيثما كانوا؛ فوق أي أرض وتحت كل سماء. يقول المولى جل وعلا: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 89]، فهو (دين ودولة، وهو عقيدة وعبادة، وهو حكم وقضاء، وشريعة وقانون، ومصحف وسيف، وجهاد ودعوة، وسياسة واقتصاد، وعلم وخلق وتوجيه).
● وتتضح شمولية الإسلام في صور منها:
1- أنه دينٌ شامل للثقلين: الجن والإنس. فأما الإنس فظاهر في نصوص القرآن العظيم، يقول الله جل وعلا: ﴿ ﴿ وَمَاأَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]. ويقول سبحانه: ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ [الأعراف: 158].
وأما الجن فيقول الله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِْنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾، وهذا موقف من استماعهم لخبر نبينا ومسارعتهم للتنفيذ والدعوة، وتحملهم النذارة والبشارة، يقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لاَ يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَْرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ ﴾ [الأحقاف: 29-32].
2- أنه دين شاملٌ للزمان كله؛ من بعثة نبينا محمد إلى قيام الساعة.
3- دينٌ شاملٌ للمكان؛ فليس خاصًّا بإقليم دون آخر، ولا بأمة دون أخرى؛ شمولية مكانية؛ يطالب بهذا الدين كل البشر في أي مكان ومن أي أمة، ويتأكد بها أن المسلم مطالب بتنفيذ أحكام دين الله تعالى في كل مكان.
4- دينٌ شاملٌ للإنسان في مراحل حياته المختلفة، وفي علاقاته المتعددة، يوجهها إلى ما فيه صلاحه ورفعته وحفظه وهدايته.
5- دين شامل لحركة الكون والحياة، يراعيها في أحكامه وتشريعاته، فلا تنفك الأحكام الشرعية عن حركة الكون بأفلاكه وأجرامه، وليله ونهاره، وحرِّه وقرِّه، فهناك عبادات مرتبطة بحركة الشمس؛ كالصلوات الخمس والسحور والإفطار، وعبادات مرتبطة بدورة القمر؛ كالصيام والحج وغير ذلك، فيراعي ذلك في بيان مهمة الإنسان تجاهها ودوره نحوها، وتوجيهه إلى ما فيه عمارتها وصلاحها، فالكون والخلق كله لله سبحانه وتعالى: ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ﴾ [طه: 6].
6- دين شامل في توجيه نظر الإنسان إلى الدنيا والآخرة فهما داران متكاملتان، للإنسان في كلٍّ منهما نصيب، فالدنيا مزرعة للآخرة، يزرع فيها ما يرغب جنيه في الآخرة. يقول الله جل وعلا: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآْخِرَةَ وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَْرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77
֎عباد الله أيها المؤمنون عباد الله رحمكم الله! الله أكبر 3مرات
⃝ رابعا: العالمية:
والعالمية: هو أن رسالة الإسلام غير محدودة بعصر، ولا جيل، ولا بمكان، فهي تخاطب كل الأمم وكل الأجناس وكل الشعوب وكل الطبقات، وهي هداية رب الناس لكل الناس، ورحمة الله لكل عباد الله
يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ﴾ [الأعراف: 158] وقوله: ﴿ بَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]…. وغيرها، ومن السنة النبوية قوله عليه السلام: [أنا رسول من أدركت حيا ومن يولد بعدي] رواه ابن سعد (كنز العمال 404 / 11). ، وقوله: [والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يومن بي إلى دخل النار[ رواه مسلم.
⃝ خامسا: دين الفطرة:
والمراد بالفطرة الابتداء والاختراع، والمعنى في قوله: (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ) أنه يولد على نوع من الجِبِلَّة والطبع المتهيئ لقبول الدين، فلو ترك عليها لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها، وإنما يعدل عنه من يعدل؛ لآفةٍ من آفات البشر والتقليد.
فالإسلام هو الدين الذي جبل الله الناسَ عليه وهيأهم لقبوله والعمل به. فلا يتعارض مع طبيعة الإنسان ولا يتضاد مع رغباته؛ بل يتفق معها ويوجهها ويرشدها إلى الأصح والأسلم، فلو تجرد الإنسان من الهوى والعناد، لاعترف بدين الإسلام وأنه الدين الحق.. ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاّ يُولَدُ عَلَىَ الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوّدَانِهِ وَيُنَصّرَانِهِ وَيُمَجّسَانِهِ. كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ.هَلْ تُحِسّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟). ثُمّ يَقُولُ أَبُوهُرَيْرَةَ: وَاقْرَأوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾[متفق عليه: أخرجه البخاري].
فالله جل وعلا خلق الناس حنفاء كلهم، ثم اجتالتهم شياطين الجن والإنس فصرفتهم عن الحق والهدى والفطرة السليمة، ففي حديث عياض ابن حمار المجاشعي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته: (أَلاَ إِنّ رَبّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمّا عَلّمَنِي يَوْمِي هَذَا..وفيه: وَإِنّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلّهُمْ، وَإِنّهُمْ أَتَتْهُمُ الشّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَاناً، وَإِنّ الله نَظَرَ إِلَىَ أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ؛ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إلاّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ))… الحديث[أخرجه مسلم].
֎عباد الله أيها المؤمنون عباد الله رحمكم الله! الله أكبر 3مرات
⃝ سادسا: الوسطية:
فقوله سبحانه (وسطًا) أي عدلاً، ووسط الشيء أو أوسطه بمعنى أفضله وأعدله وخياره.
يقول الإمام ابن جرير رحمه الله تعالى: (إنما وصفهم الله – تعالى ذكره – بأنهم وسط لتوسطهم في الدين).
2- ورأى النبي صلى الله عليه وسلم حبلاً ممدودًا بين ساريتين فسأل عنه، فأخبر أنه لزينب تتمسك به إذا كسلت عن الصلاة، فأمر صلى الله عليه وسلم بإزالته وقال: (لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ)[متفق عليه].
3- وحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (يَا عَبْدَ الله، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟) قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله. قَالَ: (فَلاَ تَفْعَلْ؛ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) متفق عليه.
4- عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: “آخى النبي صلي الله عليه وسلم بين سليمان وأبي الدرداء,فزار سلمان أبا الدرداء, فرأى أم الدرداء وهي متبذلة فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو ليس له بنا حاجة في الدنيا, فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعاما. فقال له: كُل. قال: فإني صائم , قال: ما أنا بآكل حتى تأكل, قال: فأكل, فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم, قال: نَـم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال له: نَم ,فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قُم الآن، فَصَلَّيَا , فقال له سلمان: إن لربك عليك حقّـا، ولنفسك عليك حقّـا، ولأهلك عليك حقّـا، فأعطِ كل ذي حق حقّه، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان”.
وحينما نذكر وسطية الإسلام من خلال هذه الأحاديث والمواقف وغيرها، يجب علينا ألاَّ ننسى ما يقابل ذلك وهو التفريط، فكما ذمَّ النبي صلى الله عليه وسلم هذا الغلو، وطلب الزيادة في العمل تعبدًا لله عزَّ وجلَّ، فإن ذلك يعني التنبه للمقابل وهو الوقوع في التفريط والترك لشيء مما شرع الله تعالى؛ كترك الفرائض ومواقعة الذنوب والاستهانة بالمعاصي: فكلا طرفي الأمر خطأ ومخالف لدين الله تعالى؛ الزيادة غلو في دين الله تعالى، والترك تقصير في حق المولى جل وعلا.
وشريعة الله تعالى هي الوسط القائم على أداء ما شرع الله تعالى من غير تفريط ولا إفراط.
֎عباد الله أيها المؤمنون عباد الله رحمكم الله! الله أكبر 3مرات
⃝ سابعا: دين الأخلاق:
فالثرثرة والتشدق والتفيهق صفات ذميمة لما تتضمنه من معنى العجب بالنفس والرد للحق والتعالى على الخلق.
والله جل وعلا حين أثنى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، كان ثناؤه سبحانه بأبلغ وأرفع عبارة في قوله جل وعلا: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4
فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والزكاة فيها التربية على سخاء النفس وبذلها، وفي الصوم تلمس أحوال الفقراء والشعور بحاجتهم،
وفي الحج نهيٌ عن الرفث والفسوق والجدال والصخب، وتدريب النفس على الصبر والإيثار،
والمعاملات بين الناس تقوم على الوضوح والمصلحة المتبادلة، وتذم الأحكام الشرعية الأنانية والمكر والغش والخداع والاحتكار وكل ما فيه جهالة وغرر.
في الأضحية وغيرها: عننْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» ،
ويقول جل وعلا: ﴿ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِّرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].
وهذه المبادئ السامية والشمائل الكريمة التي كانت عاملا من عوامل انتصار الإسلام.
الخاتمة:
֎فيا أيها المسلمون: عباد الله أيها المؤمنون عباد الله رحمكم الله! الله أكبر 3مرات
وقال تعالى﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ [النحل: 2].
أي: فمن اتبع هداي وبياني وعمل بهما فإنه يرشد في الدنيا, ويهتدي, ولا يشقى في الآخرة بعقاب الله. ومن تولَّى عن ذكري الذي أذكِّره به فإن له في الحياة الأولى معيشة ضيِّقة شاقة وإن ظهر أنه من أهل الجاه والأموال-، ويُضيَّق قبره عليه ويعذَّب فيه، ونحشره يوم القيامة أعمى عن الرؤية وعن الحجة
عباد الله، الأمر العظيم هو الثبات على الإسلام حتى لقاء الله عز وجل، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)
وقال يوسف عليه السلام ( توفني مسلماً وألحقني بالصالحين)
وكان من أكثر دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)
֎ عبادَ الله، إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
اللهمَّ صلِّ على محمّد وعلَى آل محمّد كمَا صلّيت على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد،
اللهم تقبل منا صالح الأعمال وتجاوز عنا مذموم الخصال
اللهم وفقنا على أنواع الطاعات وأعمال البر والحسنات
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الطفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من عبادك الراشدين
اللهم بارط لنا في إتيان الخيرات وباعد بيننا وبين المعاصي والسيئات
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى.
اللهم ارفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة و عن بلاد المسلمين.
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكَّرون.
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون